لم يكن عجيبا أن تفتح (جيني) الجريدة وتقلب صفحاتها بسرعة لتستقر على الصفحة التي قبع بها صندوق الكلمات المتقاطعة ذي المربعات الصغيرة البيضاء والسوداء فالكلمات المتقاطعة هوايتها التي تعشق. يجلس بجانب جيني صديقها أيريك والذي يشاركها في محبة الكلمات المتقاطعة. وبدأت جيني وصديقها بالعمل على حل الكلمات المتقاطعة، وفي كل سطر تحله كانت تجد إما اسم صديقة عزيزة على جيني، صديق حميم مشترك بين جيني وصديقها إيريك، أو مكان شخصي محبب لقلب جيني وإيريك على السواء. ولم تنتبه جيني لما يحدث بينما كان إيريك يبتسم ويدخل يده في جيبه متحسسا خاتم الألماس الذي يود أن يقدمه لحبيبته، وما أن وصلت جيني أثناء حل الكلمات المتقاطعة لسؤال “هل تتزوجيني؟” ترك إيريك مكانه بجانب جيني واسند إحدى ركبتيه على الأرض ومد يده متناولا أصبع جيني وبدأ بوضع خاتم الألماس فيه متسائلا عما إذا كانت توافق على الزواج به. وبدأت دمعات جيني في الانحدار على وجنتيها وهي لا تصدق ما يحدث، وتهتف في ذات الوقت : موافقة! موافقة. بدأت القصة باتصال أجراه إيريك بصحيفة البوسطن جلوب طالبا من فريق الكلمات المتقاطعة مساعدته في التقدم لخطيبته بطريقة متفردة وجديدة ولم يتوانى مؤلفي الكلمات المتقاطعة عن تقديم يد المساعدة لإيريك وكتبوا له تلك (الغلوتية) ونشروها له في الصحيفة. وتزخر الأخبار الأمريكية بأمثلة تقدم الرجال للزواج بطرق عجيبة، مثل رجل آخر أستأجر طائرة مخصوصة وأصطحب صديقة في جولة حول المدينة، وبينما تنظر الصديقة نحو الأرض إذا بها تلمح مجموعة كبيرة من ورودها المفضلة فبدأت تركز عينيها أكثر عليها بينما الطائرة تحلق حولها وكانت الورود مرصوفة بشكل لوحة: هل تتزوجيني؟، ووافقت الصديقة وهي بين السماء والأرض والزهور والورد شتلوها جو قلبها.ومن أكثر قصص تقدم المشاهير للزواج انتشارا، قصة المعلق الرياضي الكبير (أحمد رشاد) والذي كان يذيع مباراة في كرة القدم الأمريكية ما بين فريقي نيويورك وديترويت في يوم عيد الشكر، وهي من أكثر المباريات التي تحظي بنسبة مشاهدة. وفي الاستراحة ما بين فاصل اللعب الأول والثاني، قام أحمد بتقديم عرض زواج على الممثلة الأمريكية الشهيرة (فليشيا آلن)(صلتها بكوسبي مهمة لعون القاريء) والتي بين دموعها ودموع المشاهدين وإعجاب الرجال بالفكرة (المختلفة) والجريئة، قامت بقبول عرض الزواج الذي تم في الرابع عشر من ديسمبر 1985.قصة جيني وإيريك وأحمد رشاد وفليشيا آلن تعكس مدى اهتمام المجتمع الأمريكي بطرق عرض الزواج، فالرجال يبحثون عن طرق غير تقليدية لسؤال صديقاتهم عما إذا كانوا يوافقون على الزواج بهم بينما تنتظر الصديقة نفسها لترى العجب (العجاب) الذي قد يقوم به صديقها ليعرض عليها الرباط المقدس.ومن طقوس هذا العرض نزول الهاش الولهان على إحدى الركبتين وخاتم الألماس بيده. وتقاس حرارة العشق بحجم الحجر الكريم الذي يعلو الخاتم. وهذه جرسة على خلاف ما عندنا. فطقوسنا لعرض الزواج تتميز بالوقار والثبات والأسر و(الأبهة) والعمم الحائمة والأكف الضارعة وتلاوة الفاتحة. ولا تثريب، فهنا نلتزم بعاداتنا الموروثة وتقاليدنا وديننا.ولكن، لم يمنعني هذا من محاولة عقد مقارنة (خبيثة) في ذهني. ماذا لو قرر رجل سوداني إتباع طريقة عرض الزواج الأمريكية في السودان؟ فتخيلته يطلع فوق (راس البيت) وينادي محبوبته،-يا أم الريد، (مكتول هواك، أنا يا إحسان) أنا بريدك وعاوز أعرسك على سنة رسولنا وعلى مذهب الخليفة أبي حنيفة النعمان.ونجد النسوان (يزغرتن) وأم الريد تبكي وتتلقى التهاني والرجال يجيبوا المأذون ويعقدوا في الحال والأطفال (يفلعوا) بالحجار.
و … العاقبة عندكم في المسرات!