ليلة الثلاثاء الثالث عشر من مارس 2006م، اجتمع فيها مجموعة من طلبة جامعة «دوك» العريقة ولاعبي فريقها «لاكروس»، لكرة القدم الأمريكية. كانت الأيام أيام تحصيل ولكن قرر هؤلاء الطلبة أن يلهوا فتجمعوا في منزل كابتن الفريق.. قاربت الساعة منتصف الليل، ولعبت الخمر بالرؤوس. وقرر بعض اللاعبين أن يعيثوا في عبثهم، فقاموا بالاتصال بشركة خدمة توفيرالراقصات للحفلات، وطالبوا بفتيات من ذوات البشرة البيضاء لحفلهم. وأرسلت الشركة فتاتين ولكنهما سوداوان. وغضب اللاعبون وتوقف الرقص بسبب بعض الملاسنات بين أحد اللاعبين والراقصتين، وقام اللاعبان «سليجمان» و«فينرتي» بالتسلل خارج الحفل واستقلا تاكسيا إلى ماكينة السحب البنكي لسحب بعض المال منه… ثم ذهب بهما نفس التاكسي إلى مطعم للوجبات السريعة، حيث قاما بشراء الطعام، ثم أوصلهما ذات التاكسي إلى الجامعة. وعادا إلى غرفهما في السكن الجامعي.أما في الحفل فقد ازدادت المشاحنة بين اللاعبين والراقصتين اللتين ذهبتا غاضبتين من الحفل بدون أن يدفع الطلبة لهما أجرهما. وبعد عدة ساعات، قامت إحدى الراقصتين واسمها «مانكوم»، بإخطار البوليس أنه قد تم اغتصابها خلال الحفل بواسطة عشرين لاعبا من فريق «لاكروس»… وأكدت أن مغتصبيها كانوا ذوي بشرة بيضاء. وبدأت الشرطة بالتحقيق، فتم نقل المرأة إلى المستشفى لإجراء بعض الفحوصات، وطالب البوليس الطلبة بعينة من منيهم لإجراء اختبار الحامض النووي.ولقيت هذه القضية الكثير من الاهتمام، فالطلبة لونهم أبيض والفتاة التي تم اغتصابها لونها أسود. والطلبة من أسر عريقة وأعضاء في أرقى الفرق الرياضية والفتاة راقصة فقيرة، الطلبة تنتظرهم وظائف راقية والفتاة جوالة تطلب الرزق بين طرقات نورث كارولينا وحفلاتها المخمورة. وقامت جماعة تعرف باسم «النمر الأسود» بتنظيم مظاهرة أمام مبنى جامعة دوك احتجاجا على قيام طلابها «البيض» باغتصاب فتاة «سوداء»، واستعرت في لحظات الحرب العرقية في المدينة وتحورت القضية من الاغتصاب إلى مناقشة النزاع العرقي الاجتماعي التاريخي في البلاد. وقام المحقق بالقبض على أعضاء فريق لاكروس « سليجمان وفينرتي وأفانس». وبدأت وسائل الإعلام تحقق في القصة وتحللها. ومن الجهة الأخرى قامت الراقصة بتغير أقوالها حتى قالت إن من اغتصبها هم خمسة لاعبين بدلا عن العشرين جميعاً. وكانت مانكوم قد أكدت في التحقيقات الأولية أن المعتدي عليها كان لديه شنب بينما اللاعبون المتهمين كانوا حليقي الشنب. أما اختبار الحامض النووي فقد أتى بنتائج سالبة. وجد المدعي العام من الروايات التي قصتها مانكوم، أن المتهمين «سليجمان وفينرتي» لم يكونا حتى موجودين بالحفل وقت وقوع الاغتصاب المزعوم. فقد أثبتت الكاميرات أعلى ماكينات السحب البنكي وجود الطالبين هناك وهما يسحبان الأموال، وثبت أيضاً عدم حضورهما الاغتصاب المزعوم عن طريق إيصال مطعم الوجبات السريعة، بالإضافة إلى شهادة سائق التاكسي الذي كان مع المتهمين طوال تلك الفترة. واتضح أن السائق سوداني الجنسية، ووافق على الإدلاء بشهادته بالرغم من تهديدات القتل، حتى أن مجلة «الريدرس دايجست» رشحته ليصير شخصية لعام 2008م لشجاعته الأدبية. ولما انهارت أركان الإدعاء في القضية، قام المدعي العام في الحادي عشر من أبريل 2007م بعقد مؤتمر صحفي أعلن فيه براءة الطلبة.لقد أطلقت مانكوم رصاصات الاتهام ظلما وبهتانا وأشعلت حربا حرقيا، ولكنها أثبتت أيضا أن العنصرية وحش غريب. فقد تعود العالم على أن الرجل أو المرأة البسيطة السوداء هو المجني عليه، وأن الأبيض الغني هو الجاني. وبذلك صدق الجميع مانكوم، وأدان الطلبة البيض بسبب خلفيتهم العريقة. ولم ينهض اتهام البيض على دليل، وإنما هو مجرد فرية أثبتت أن العنصرية طريق له أكثر من اتجاه.