كانت أبنة خالي، «نعمة»، في صغرها طفلة حلوة، واسعة العينين.. أبية الأنف.. فصيحة اللسان… تراها تمرح وتلعب مع أقرانها ثم تجلس إليك وتتحدث بتؤدة، فتشعر بأنها أكبر من سني عمرها المعدودة، فقد نشأت على تربية حبوبات.. كانت تذهب مدرستها صباحا وتعود منها ظهرا… الجو شديد الحرارة وخانق… العطش «منشف ريقها» وتمنى نفسها بماء يروي ظمأها وغرفة باردة ومكيفة… تفتح باب المنزل… وعندما تجد أحيانا الكهرباء «قاطعة»، تلقي بحقيبة مدرستها على الأرض وهي تهتف بصوتها الطفولي، مقلدة الكبار، «أطير وييييين أنا وأقع وين!.»وبينما بدأ العام الجديد بزخمه واحتفالاته في أجزاء كثيرة من الولايات المتحدة مثل، نيويورك ولاس فيغاس، كانت ولايتنا، أنديانا، واقعة في نطاق العاصفة الجليدية التي ضربت منتصف غرب أميركا. بدأ الجليد ببعض من الحبيبات البيض وهي تسقط على الأرض بكل رفق مكونة طبقة سرعان ما تضاعفت… وتسارعت وتيرة الجليد، حتى أن خبير الأرصاد الجوية «دافيد شتلر» ذكر أن هذه العاصفة الجليدية ستُذكر بأنها أسرع عاصفة بسبب بكمية الجليد التي تساقطت في وقت قصير، فقد تراوحت طبقات الجليد لما بين أثنين إلى أربعة بوصات في الساعة الواحدة. ووصلت كمية الجليد الملقاة على الأرض لأكثر من المتر في ولايتي «فرمونت» و«نيو هامشير» وهي أكبر نسبة جليد تغطي الأخيرة منذ عام 1876م، بينما كانت ولاية «مين» أكثر حظا، فقد نعمت بحوالي «37» بوصة من الجليد فقط.وصرفت ولاية «نيو هامشير» خلال اليومين السابقين «30» مليون دولارا من أجل إزالة آثار الجليد، بينما ميزانيتها لموسم الجليد، الذي يستمر لمدة ستة أشهر، عبارة عن «75» مليون دولارا. وأضطر مطار شيكاغو العالمي، وهو من أكثر المطارات المرتادة في أميركا، إلى إلغاء «150» سفرية في ذلك اليوم، ناهيك عن الطائرات التي تأجل موعد إقلاعها. وأثرت العاصفة الجليدية على أسلاك الكهرباء التي «قطعت» في أكثر من «36» ألف عمل ومنزل، حتى أن أصحاب كثير من الشركات طالبوا عمالهم بالبقاء في منازلهم، وأغلقت المدارس أبوابها ليقوا الطلبة من أمراض البرد المعدية، ولمحاولة تجنب الحوادث المرتبطة بالجليد مثل ارتطام السيارات والوقوع على الأرض.ومصائب البعض لدى الآخرين، فيما يبدو، فوائد. فقد زاد الإقبال على منتجعات التزحلق على الجليد في منطقة «نيو أنجلاند». فصرح «بيل سوين» المتحدث الرسمي لواحد من أكبر منتجعات التزحلق في الولايات المتحدة، بأن العمل قد ازدهر بصورة كبيرة خلال الفترة الماضية، وأن الجليد، لمصلحتهم، يتساقط بكثرة. وخلال الأيام الماضية، ومع بدايات العام الجديد في السودان… كانت هنالك الكثير من المناسبات… احتفال بعيد الاستقلال… وآخر بعودة الشريكين إلى الحكم… وصول القوات الهجين «بالمناسبة: ما لقوا تاريخ ثاني لدخول السودان؟» … إطلاق سراح الأستاذ على محمود حسنين والرفاق «حمد الله ألف على السلامة». وكانت هنالك حفلات دائرة… أحدها للفنانة نانسي عجاج وآخر للأستاذة شروق أبو الناس… وكلما اتصل بشخص لأهنئه بالسنة الجديدة، أجد لسان الحال يقول «يا غادة ممكن تضربي لينا تاني». وأضع السماعة وأنا أرقب الجليد الذي يحيط بالمكان ويمنعنا من الخروج حتى من «عتبة» المنزل، وأذكر نعمة الحلوة، وأجدني أهتف قائلة «أطير وييين أنا وأقع وين؟».